تمّ يوم 28 فيفري من السنة الحالية تقديم مقترح قانون يتعلق بالمسؤولية المجتمعية للمؤسسات على مجلس نواب الشعب. صاحبة المبادرة هي النائبة ليلى أولاد علي، التي أرادت ترسيخ ثقافة جديدة داخل المؤسسات التونسية لكي تعي بضرورة تحمل مسؤولية نشاطها أمام المجتمع وعلى البيئة. وهو ما من شأنه أن يعود بالفائدة على المؤسسة والمجتمع المدني ككل.
في هذا السياق، تندرج تفاصيل هذا اللقاء الحصري الذي جمع “البيئة نيوز” بالنائبة “ليلى أولاد علي”.
1- المسؤولية المجتمعية للمؤسسات، ما هو تعريفكم لهذا المفهوم ؟
في نظري، هو من المفاهيم الحديثة التي ظهرت في المجتمعات المتقدمة، كداعم للحياة المجتمعية الهامة ووسيلة لتقدم الشعوب الغربية. حيث تقاس قيمة الفرد في مجتمعه بمدى تحمله المسؤولية التامة تجاه نفسه وتجاه الآخرين وتجاه بيئته.
من جهة أخرى، وكما تعلمون كرّس المجتمع الدولي المسؤولية المجتمعية كمبدأ أساسي تلتزم به المؤسسات الاقتصادية تجاه البيئة والمجتمع المدني. من خلال التنصيص على 10 مبادئ بما فيها حقوق العامل، المحافظة على البيئة والمجتمع في الميثاق العالمي للأمم المتحدة.
إلى جانب ذلك، تُعرّف المسؤولية المجتمعية حسب البنك العالمي على أنها تُلزم المؤسسات الاقتصادية بالمساهمة في التنمية المستدامة من خلال العمل مع جميع الأطراف في مناخ اجتماعي واقتصادي وبيئي سليم. الهدف من ذلك، هو تحسين مستوى عيش الأفراد، عبر القضاء على الفجوة الاقتصادية بين الطبقات الاجتماعية وتحقيق الرقي الاقتصادي، والتنمية المستدامة بصفة عامة.
2-في اعتقادكم، ألا ترون أن هذا المفهوم مازال بعيدا كل البعد عن الثقافة الاقتصادية لدى مؤسساتنا ؟
نعم، هذا أمر مؤكد للأسف الشديد، رغم اجتهادات العديد من المؤسسات الاقتصادية. فكما تلاحظون، الأغلبية الساحقة من المؤسسات الناشطة في المنظومة الاقتصادية مازالت غير واعية بمفهوم المسؤولية المجتمعية للمؤسسات. ولهذا الأمر، يتجسد دورنا من خلال تمرير هذا المقترح الذي ننتظر المصادقة عليه في الأيام المقبلة بعد إمضاء 28 نائبا. ونحن نطمح إلى توعية المؤسسات الاقتصادية بمدى أهمية هذا القانون من جميع الجوانب الاجتماعية والربحية والبيئية. فما نلمسه اليوم من مشهد اجتماعي وبيئي هو كارثة كبرى، وقد حان الوقت للتفكير جميعا في مواردنا الطبيعة من أجل أبنائنا وأجيالنا القادمة. لكي نتطور ونحقق جميع الأهداف المرسومة المتعلقة بالتنمية المستدامة من جوانب تعليمية واقتصادية وبيئية وصحية، تلعب المسؤولية المجتمعية للمؤسسات دورا هاما في تأسيس شراكة مثمرة بين مؤسسات القطاع الخاص ومكونات المجتمع المدني.
3- كيف ترون تفاعل المؤسسات التونسية مع هذه المبادرة ؟
نعم، أنا مقتنعة كل الاقتناع بأن فكرة المبادرة ستحظى بالتفاعل الإيجابي من لدن مؤسساتنا الاقتصادية الوطنية لأنها تؤمن بالعمل الاجتماعي, وبالمواطنة البيئية. هذه المبادرة هي مسؤولية أخلاقية تتحدى الظروف الاقتصادية التي هزت بلادنا. حيث من المتوقع أن تقطع مع الفجوات الاجتماعية وتخلق ديناميكية كبيرة بالجهات. فمن خلالها يمكن خلق مواطن شغل، في المجال البيئي والاقتصادي كالمهن الخضراء والبستنة وزراعة الأشجار ومعالجة المياه وغيرها من المشاريع الخضراء التي تدر بالفائدة على اقتصادنا.
أضيف لك شيئا هاما لقد اقترحنا في هذه المبادرة تخصيص جائزة سنوية يتم ضبطها بمقتضى أمر حكومي، تسند لأفضل مؤسسة تقوم بمشروع مجتمعي يخدم كل التونسيين وهي آلية تشجع وتدعم المؤسسات على الاندماج في هذه الثقافة المربحة مائة بالمائة لاقتصادنا الوطني.
4-ما هي المبادئ التي تنصّ عليها المبادرة؟
قبل المرور إلى النصوص، دعيني أشير إلى أن المبادرة ترمي إلى تحسين مناخ العمل داخل المؤسسة وخارجها، وبالتالي تحسين مردوديتها الى جانب المصالحة بين المؤسسة ومحيطها. وهو ما من شأنه أن يحفظ مواردنا الطبيعية ويثمنها ويساهم في ضبط الحوكمة والتصرف الرشيد. فيما يتعلق بالنصوص فهي عديدة ونستعرض منها البعض التي تنص على إحداث “لجنة المسؤولية المجتمعية للمؤسسات” بالمنشآت العمومية والمؤسسات الخاصة المنتفعة بعقود لزمة والتي تنشط كلها في مجال التصرف في الثروات الطبيعية، والشركات المدرجة في بورصة الأوراق المالية.
إلى جانب ذلك، إنجاز جملة من المشاريع في إطار المسؤولية المجتمعية للمؤسسات التي تقضي على الفقر، والأمية والتمييز العنصري وتشمل التنمية المستدامة وغيرها من المشاريع الأخرى الخضراء. أضف إلى ذلك، إعداد التقارير الأولية والتقرير النهائي حول مدى تقدم تنفيذ البرامج ومدى تحقيق النتائج التقديرية.
5- لكم العديد من الانجازات في وكالة التحكم في الطاقة. هل لنا بتفاصيل عن سيرتكم الذاتية ؟
شغلت مناصب بالوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة في مجال الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية لمدة 15 سنة. حيث تم تعييني مسؤولة على إعداد الدراسات وضبط الدراسات الاستراتيجية الخاصة بالقطاع. وقد اقترحت في تلك الفترة إدخال منظومة آليات التمويل داخل الوكالة لحل الإشكاليات التي تعترض الصناعيين. علاوة على ذلك، أشرفت على بعث صندوق التحكم في الطاقة لكي تتحول تسميته إلى صندوق التحول الطاقي. ومن أبرز المشاريع التي طرحها هذا الصندوق وقمت بمسايرتها نذكر برنامج الطاقة الشمسية.
بالإضافة إلى ذلك، تم تكليفي بخطة مديرة عامة للإدارة المالية لبرنامج PROSOL ثم توليت منصب مدير تنفيذي للمركز المتوسطي للطاقات المتجددة تحت إشراف وزارة البيئة الإيطالية ووزارة الطاقة التونسية. وللتذكير فقد تمكنا من تمويل مشاريع أخرى على غرار المشاريع المنجزة في السخان الشمسي فضلا عن إحداث مشاريع في الطاقة الفوطوضوئية الذي يتواصل إلى غاية اليوم.
6- ماذا عن العمل الجمعياتي في المجال البيئي ؟
البيئة هي هاجسي. فقد كنت حريصة منذ الصغر على التجول داخل تراب الجمهورية للتعرف على مواردنا الطبيعية والحيوانية. وقد تبين لي أن بلادنا غنية بالمحميات الطبيعية والحيوانات والمياه ولقد سبق لي أن قمت بزيارات مع سياح أجانب وقد شد انتباهي انبهارهم بكل ما نملكه من ثروات طبيعية وبالنسبة للجمعيات، أنا منخرطة في جمعية رابطة المرأة والتنمية منذ عام 1996 والتي أترأسها اليوم. وللملاحظة أنجزنا العديد من المشاريع التنموية والبيئية في نفس الوقت للمرأة الريفية إضافة إلى تنظيم لقاءات ومشاورات حول مشاكل البيئة والتنمية كمشكلة تلوث المياه والتصحر…