روبرتاج حصري:
عبارات كثيرة أصبحنا نسمعها هذه الأيام: الاقتصاد الأخضر، التنمية المستدامة، الصناعة الخضراء، الفلاحة الايكولوجية والبيولوجية… حيث ظهرت مبادرات خاصة محتشمة أن صحّ القول. في المقابل، جمعت كل هذه المفاهيم المؤسسة العريقة، التابعة لمجمع بولينا القابضة، والمتخصصة في ذبح الدواجن، والديك الرومي، ومشتقاته، المزرعة: هذه الأخيرة آمنت بكل مواردها البشرية بالجدوى البيئي والإقتصادي والإجتماعي لكي تصبح نموذجا للمشاريع الإقتصادية الناجحة.
عندما وصلتنا المعلومة بأن مؤسسة المزرعة، المتخصصة في ذبح و توزيع الدجاج و الديك الرومي ومشتقاته والتابعة لمجموعة بولينا القابضة، تنتهج سياسة بيئية فريدة من نوعها في تونس. لم نتردد لحظة في الذهاب إليها والاطلاع على انجازاتها تجاه البيئة والمحيط، وكانت المفاجأة.
ففي حقيقة الأمر، وأنت تتجول في وحدات المزرعة، يعترضك شارع البيئة، فيه حدائق وحاويات نظافة ومزهريات ورود… ولافتات كتبت عليها شعارات مثل التدخين ممنوع، النظافة مسؤولية الجميع وغيرها…كلها رسائل توعية وتحسيس لترسيخ ثقافة جديدة للعامل (الانتماء الى المؤسسة وتعزيز روح المبادرة، الجودة والتفاني في العمل..)
عديدة هي الأسئلة التي تبادرت الى أذهاننا: كيف خرجت هذه المؤسسة الاقتصادية عن ماهو مألوف ؟ ماهي الخطة استراتيجية التي ضبطتها ؟
يبدو أن البيئة والمناخ الاجتماعي أولا، ثم الانتاجية والمردودية ثانيا لتأتي القيمة المضافة والتنمية المستدامة رابعا. هو التمشي السليم الذي اختارته المزرعة منذ سنوات. فللذكر لا الحصر، استثمرت أكثر من 20 مليون دينار في تثمين فواضل منتجاتها و منتجات المذابح الأخرى وتصديرها الى أوروبا. الأمر الذي ساهم في دخول العملة الصعبة للبلاد التونسية وانعاش الاقتصاد الوطني.
علاوة على ذلك، وحرصا منها لدعم القطاع الفلاحي، قامت المؤسسة بمعالجة المياه المستعملة سواء المياه المتعلقةبأنشطتها أو مياه بعض المصانع المجاورة لها بطريقة تقنية وعلمية قصد سقي الأراضي الفلاحية المجاورة للمذبح المزرعة.
في مجال التحكم في الطاقة، ركزت المزرعة على وحدة للتوليف الذاتي للطاقة COGENERATION للتقليل من الاستهلاك في الكهرباء والتقليص من انبعاثات غاز ثاني اوكسيد الكربون.
بل و أحيث قام التقنيين بتجميع الهواء الساخن المنبعث من محطة التوليف الطاقي و استغلالها لتجفيف اطباق البيض في المصنع المجاور للمزرعة.
وللتأكد من مدى مطابقة ما سمعناه للواقع ،خاصة وأن هذا النشاط يدرج في خانة النشاطات الملوثة للبيئة، طلبنا زيارة هذه المنشاة النموذجية وذلك ما تسنى لفريقنا حيث تجند المدير العام للمزرعة، نوفل ساسي، ومدير البيئة مصطفى القلعاوي، لمرافقتنا طيلة يوم كامل. حيث فتحت المزرعة أبوابها الخفية لأول مرة، و بصفة حصرية ” للبيئة نيوز”. لتقديم السياسة الاقتصادية-البيئية و المجتمعية لهذه المؤسسة العريقة، والتي تعتبر نسبة التدوير و التثمين في هذا المشروع النموذجي و الفريد % 100 و رقم لم يأتي من فراغ بل كان ثمرة سياسة استشرافية لبولينا و اطاراتها.