حوار حصري – رياض المؤخر، وزير الشؤون المحلية والبيئة: “قريبا تنفيذ 6 برامج استثنائية بما فيها إعادة هيكلة للبلديات”

مازالت تفصلنا بعض الأيام عن انطلاق سلسلة البرامج والمشاريع الكبرى التي تستعد وزارة الشؤون المحلية والبيئة للاعلان عنها. هي سياسة استراتيجية رسمها وزيرها، شملت مقترحات صلبة كالانتخابات البلدية والشرطة البيئية وتثمين النفايات وقانون الجماعات المحلية، فضلا عن حملات التوعية والتحسيس، إلى جانب المهن الخضراء. توجهات يهدف من خلالها إلى ترسيخ ثقافة جديدة في المجتمع التونسي وإعطاء صورة نظيفة للبلاد تنهض بسياحتها.

حول هذه المشاريع، إلى جانب سلسلة البرامج  الاستثنائية، كان “للبيئة نيوز” حوارا حصريا مع وزير الشؤون المحلية والبيئة، “رياض المؤخر”.

 1- لو تضعنا في صورة الإنجازات التي قمتم بها منذ توليكم على إشراف الوزارة ؟

في تقديري، في كل السياسات العمومية، هناك وضعيات في جميع القطاعات تفترض العمل والبرامج لمعالجتها. فيما يتعلق بالمشكلة البيئية، هذه الأخيرة لها تأثير ات وتداعيات سلبية على الاقتصاد الوطني بنسبة 2,7 بالمائة من الناتج الداخلي الخام.

من المشاكل القائمة التي يشهدها القطاع البيئي نذكر على سبيل المثال قطاع التطهير، حيث لا توجد سوى 174 مدينة مرتبطة بالتطهير في حين تفتقر 100  مدينة إلى التغطية اضف إلى ذلك عدم توفر التطهير الريفي. كما لا يوجد سوى  شبكة واحدة خاصة بالمناطق الصناعية.

تجاه هذه الإشكاليات المطروحة، تم اقتراح جملة من البرامج  والاصلاحات للديوان الوطني للتطهير الذي يعتبر مؤسسة عريقة لتنفيذها تم الإعلان عنها في المخطط الخماسي. وقد رصدت ميزانية في حدود 970 مليون دينار. وتشمل تهيئة 9 مناطق صناعية بشبكات التطهير علاوة على بعث شبكات للتطهير الريفي، وربط 33 مدينة  جديدة. علاوة على ذلك، تم تأهيل 55 محطة صرف صحي لتحسين جودة المياه المعالجة واستغلالها في الفلاحة والصناعة بما أنها محطات متقادمة لا تتطابق مع المواصفات  الدولية.

بالإضافة إلى ذلك، سيعمل الديوان في السنة الحالية بطريقة اللزمات لأول مرة  في بلادنا بعد أن تم الإعلان عنه  منذ عام 2008. هذه اللزمات تهدف إلى تحسين الخدمات المسداة وتحقيق الاستثمارات على المدى الطويل وتقديم الجودة المطلوبة للتقليص في الثمن.

2-ماهي السياسة التي تتبعونها في  إعداد البرامج والتصورات ؟

بات واضحا ان المشكلة البيئية هي مشكلة متعددة الأصناف ومرتبطة بجميع المجالات. ولمعالجتها وإيجاد الحلول الممكنة لها، لابد من اتباع  سياسة  ممنهجة تنبني:

– أولا: على البحث في عمق  الإشكاليات الهيكلية للوزارة وجميع المنشآت الخاصة بها. هذه الخطة هي افضل طريقة عمل تم إدراجها، حسب رأيي، داخل الوزارة لأننا نرفض خدمة المطافئ ونهدف إلى تشريك جميع العاملين بها لتحمل المسؤولية والعمل بجدية جنبا إلى جنب لتنفيذ كل البرامج المقترحة.

– ثانيا: تشخيص حال القطاع و معرفة  كل الإشكاليات الحقيقية التي يعاني منها لكي يقع بعد ذلك اقتراح مشروع نموذجي كحل من الحلول على المدى القصير (لا يتجاوز 6 أشهر).

– ثالثا،  خضوع النموذج إلى التجربة والتقييم والمتابعة المستمرة لمعرفة النقائص. ففي حال نجحت هذه التجربة نمرّ إلى مرحلة التطوير والتحسين.

نحن ندرك جيدا أن تشخيص ماهو موجود واقتراح نموذج للتجربة والمتابعة من التخطيط إلى التنفيذ هي خطوات ثابتة نقيس بها مدى نجاح المشروع المقترح  على  المدى القريب نحن نؤمن أن الخطوات الثابتة والمدروسة التي نحددها وفقا للأهداف المرسومة هي أساس النجاح. عديدة هي الأفكار التي اقترحناها والبرامج التي سطرناها وقد قمنا بتنفيذها على هذا المنوال كالشرطة البيئية مثلا واقتناء الحاويات نصف المطمورة لكي تخضع للتجربة والتقييم في مرحلة ثانية.

للتذكير، هناك استراتيجيات وإنجازات وجدناها بالوزارة سيقع أخذها بعين الاعتبار وتطبيقها إلى جانب المشاريع الجديدة التي اقترحتها. لقد رسمنا خطة استراتيجية تهدف إلى تطبيق جميع المشاريع المسطرة لكي لا تبقى في الرفوف. وخصصنا لها فرقا ولجان لمتابعة كل مراحلها من التخطيط إلى التنفيذ. نحن نرفض سياسة الهدم واعادة البناء من جديد ولنا رؤية واضحة للبرامج والأهداف التي نطمح إلى تحقيقها بالأساس.

3 – أعلنتم مؤخرا عن استراتيجية تثمين النفايات المنزلية لو توضحون لنا تفاصيل هذه الاستراتيجية ؟

طبعا تعتبر مسألة تثمين النفايات المنزلية والتخلي عن الرّدم  نهائيا خيارا لا رجعة فيه حيث تم عرضه على المجلس الوزاري. وقد تم عقد لقاء في الغرض مع جميع الهياكل والأطراف حيث استمعنا إلى جميع المقترحات والأفكار والانتقادات. هو ميدان في الحقيقة صعب للغاية وتختلف فيه الآراء حول التقنيات التي سيتم اختيارها وفقا للإمكانيات المتاحة لدى الدولة والهياكل البلدية.

علاوة على ذلك، ستدخل مصبات المراقبة المركزة بجهة توزر وولاية زغوان  حيز الاستغلال بعد ان كانت مغلقة لاسباب غير منطقية لكي تنضاف إلى بقية المصبات التي لا يبلغ عددها إلا 9 مصبات مراقبة. كل هذه الآليات  ضبطناها من أجل التقليص من كارثة التلوث التي أثرت على حياة المواطنين وعلى صورة بلادنا بصفة عامة… من جهة اخرى  وللأسف الشديد مازالت المشاكل البيئية قائمة لكنها تحتاج إلى بضع الوقت وسنقوم بمعالجتها خطوة بخطوة. وعلى المواطنين أن يعوا ذلك جيدا. ففي اعتقادي لا يمكننا أن نقوم بحل جميع المشاكل وتحقيق كل الإصلاحات والتغييرات إلا بخطوات مدروسة وضمن إطار زمني محدد.

4- كيف تقرأون وضعية البلديات في بلادنا، في تقديركم ؟

قبل الحديث عن حال البلديات التونسية وما تشهده من مشاكل، دعينا نوضح أنه في العديد من الدول، تُعد البلديات قاطرة التنمية حيث تخصص لها ميزانيات محترمة للقيام بعملها على أحسن وجه. ففي المغرب، تسند للبلديات ميزانية في حدود 10 بالمائة أما في تركيا  فنجد 19 بالمائة في حين أوروبا الشمالية 18 بالمائة. اما بالنسبة لبلادنا، تمر البلديات بأزمة مالية تحد من فاعليتها كمؤسسة اقتصادية ومن النشاط الموكول لها، فالميزانية المخصصة لها ضعيفة جدا ولا تتجاوز 3,5 بالمائة. كما ان نسبة التاطير الإداري ضعيفة أيضا إذ لا تتجاوز 10 بالمائة أما التاطير التقني فيبلغ 1,6  بالمائة.

لا نجد ببلدياتنا اطارات او مهندسين أو تقنيين سامين. وهذا أمر مخجل للغاية ويطرح العديد من التساؤلات. البلديات هي مؤسسات منفتحة على جميع الاختصاصات الأخرى ولها دور فعّال في التنمية الإقتصادية.  لذلك لا يجب أن تكون  مؤسسة ضعيفة الحال، غير قادرة  على تسيير نشاطها وليس لها الامكانيات اللازمة لاقتناء المعدات والتجهيزات.

في هذا الإطار، يتجسد تدخل وزارة الجماعات المحلية والبيئة في تقديم المساعدة للبلديات، وهذا أمر طبيعي باعتبارها سلطة اشراف وسينتهي دورها مع انعقاد الإنتخابات البلدية. بالاضافة إلى ذلك، لا بد من التوضيح إن  الوزير لا يتدخل في ميزانية البلدية أو في برامجها على عكس ما يعتقده البعض. هذا أمر مستحيل وخاطئ.

5فيما تتمثل الاصلاحات والبرامج التي اقترحتموها ؟

نحن ندرك جيدا ان الانتخابات البلدية غير كافية وحدها لحل الإشكاليات التي تشهدها البلديات خصوصا أنها مشاكل هيكلية. فقد جاء قانون الجماعات المحلية في هذا المجال لكي يعطيها المكانة التي تستحقها لكي تكون مؤسسة ذات فاعلية  وقادرة على تقديم الاضافة.

في هذا الإطار، ضبطنا منذ أن توليت الاشراف على الوزارة سلسلة من البرامج  والاصلاحات الاستثنائية.هذه الأخيرة تم ادخالها في الميزانية التي تمت المصادقة عليها في شهر ديسمبر المنقضي، ونحن اليوم في اللمسات الأخيرة لكي  تدخل حيز الاستغلال  بعدما قمنا بطلبات العروض في شهري جانفي وفيفري الفارطين وتتلخص في النقاط التالية:

– النقطة الاولى: تتعلق بإعانة البلديات على رفع الفضلات، لأنها لا تتولى رفع سوى 85 بالمائة  من النفايات في اليوم، في حين تبقى قرابة 15 بالمائة من النفايات أي ما يعادل 11 الف طن في اليوم، لكي يرتفع حجمها في 10 ايام إلى حوالي 1600 طن و160 ألف طن في الشهر. هذه الارقام مفزعة وتتسبب في كوارث صحية وبيئية.

ويقوم برنامج العمل على عقد صفقات اطارية في كامل تراب الجمهورية مع البلديات التي تحتاج إلى  مزيد من التجهيزات  وتشكو مشاكل على مستوى رفع الفضلات مثل منطقتي حي التضامن والمنهيلة من ولاية اريانة. إلى جانب ابرام اتفاقية عمل مع شركة خدمات خاصة لكي تقوم بحملة نظافة مثل النموذج الذي قمنا به في باردو مؤخرا

– النقطة الثانية: تتمثل في انطلاق  900 عون في شهر جوان المقبل في تنظيف الطرقات بالكنس الآلي والعناية بالمساحات الخضراء في كامل تراب الجمهورية.

– النقطة الثالثة: التعامل مع المؤسسات المتوسطة والصغرى ووزارة التجهيز والإسكان لتنظيف الطرقات المرقمة والعادية بالآلات والتجهيزات.

– النقطة الرابعة: مضاعفة حملة تنظيف الشواطئ 4 مرات مقارنة بالسنة الفارطة. إلى جانب ذلك ولاول مرة في بلادنا، تم رسم مخطط لتقسيم المساحات الشاطئية وشمل قرابة 20 شاطئا. هو خطوة اردنا من خلالها اعطاء الحق لجميع التونسيين للتمتع بالاصطياف بطريقة عادلة.

– النقطة الخامسة: إعطاء اشارة انطلاق حملة توعوية وتحسيسية بالقنوات التلفزية والاذاعات والمواقع الالكترونية يوم 15 ماي الجاري قصد نشر ثقافة جديدة لدى المواطن التونسي وترسيخ الوعى والسلوكيات المحافظة على البيئة وجودة الحياة.

– النقطة السادسة: اقتناء 28 ألف حاوية لفائدة البلديات وهو إنجاز لم تشهده البلديات في السابق.

6- يعيش  مصنعيوا  الأكياس البلاستيكية تحت ضغط القرار الذي صدر حول منع استعمال منتجاتهم فهل ستأخذون مشاغلهم بعين الاعتبار؟

طبعا هذا لا شك فيه، ونحن بصدد النظر في قانون صنع الأكياس البلاستيكية الصديقة للبيئة.وننتظر المصادقة عليه. فكما تعلمون لا مانع لنا بالنسبة للأكياس القابلة للتحلّل. ونحن نشجع كل المصنعين في هذا المجال ولا مانع لنا بمبادراتهم.

إن حملة منع الأكياس البلاستيكية هي مبادرة أردنا من خلالها ترسيخ ثقافة جديدة لدى المواطن التونسي. فنحن نطمح إلى بناء عقليات وسلوكيات جديدة في كافة شرائح المجتمع التونسي تقوم على احترام البيئة والتفكير في مستقبل الأجيال القادمة.

8-هل شهدت الشرطة البيئية انطلاقتها رسمية ؟

ما ترون  من شاحنات للشرطة البيئية في الشوارع والأنهج هي مجرد نماذج لكن قريبا ستخرج هذه الاخيرة للعمل الفعلي بأحسن الأشكال. ستكون السيارات مجهزة بحواسيب وانترنات تساعد الأعوان على تلقي الرسائل والصور التي تصلهم من المواطن. كما تحتوي السيارات على كاميرا مراقبة تمكن الوزارة من متابعة سير عمل الأعوان.

9-  وأي استراتيجية لدى وزارتكم للنهوض بالاقتصاد الأخضر والتنمية والتشغيل ؟

الاقتصاد الأخضر هو عمود الاقتصاد وركيزة أساسية للمنوال التنموي. فكما ترون تتمتع بلادنا بموارد طبيعية كبيرة يمكنها استثمارها في تسريع نسق التنمية وواستحداث مواطن شغل. وهذا حل من الحلول الممكنة لمساعدة اقتصادنا الوطني لأن الاقتصاد الأخضر قاعدته صلبة وآفاقه واعدة.

10- أطلقتم مؤخرا مشروع “قرين ستارت آب” فلو توضحون تفاصيله ؟

لقد تم وضع برنامج  جديد يطلق عليه “قرين ستارت اب” لفائدة أصحاب الشهائد العليا والعاطلين عن العمل بهدف فتح الافاق امامهم ومساعدتهم على الاندماج في السوق الاقتصادية في كامل تراب الجمهورية. حيث يتمتع الشاب بتمويل مالي مجانا لمدة ثلاث سنوات لكي يتموقع ويرتكز في السوق. “قرين ستار آب” هو إتفاقية ممضاة بين رؤساء المؤسسات العرب واتحاد الصناعة والتجارة وغرفة القادة الشبان وزارة التشغيل.

11- ماذا بعد مشروع المهن الخضراء ؟

لنا مشاريع أخرى  في الأفق لفائدة الأحياء الشعبية، حيث من المتوقع أن نعلن عن مساحات خضراء تعنى بصيانتها الشركات والمؤسسات الخاصة. على غرار مشروع المساحات الخضراء بسيدي السبعي بمناسبة عيد الشجرة.

12- ماهي نتائج الزيارات التي قمتم بها لبعض المنشآت ؟

الإصلاح الهيكلي الذي أنبتت عليه طريقة عملنا ساهم مباشرة في إضفاء الديناميكية والحيوية المطلوبة بالمنشآت التابعة للوزارة. فالزيارات التي أديتها إلى بعض المنشآت كوكالة الوطنية لحماية المحيط أو وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي، والمقترحات التي قدمناها قد أعطت نتائج مثمرة، فقد أصبحنا نتحدث عن ناشطة ولقاءات وزيارات ميدانية  وتقارير عمل لهذه المنشآت، وفقا للأرقام ودلائل حقيقية. فقد تمكنا من  حل المشاكل الإدارية التي كانت موجودة في وكالة  حماية وتهيئة الشريط الساحلي منذ سنوات. أضف إلى ذلك، وللذكر لا للحصر، تحسن أداء الوكالة الوطنية لحماية المحيط  حيث بلغ  عدد التقارير المقدمة 127 تقريرا في عام 2017، مقارنة بـ36 تقرير في عام 2016. وهذا امر ايجابي، لكن ننتظر المزيد من التقدم والعمل.

كلمة الختام

الوزارة اليوم تعيش مرحلة من الديناميكية والحيوية، وعديدة هي المشاريع والبرامج والزيارات التي نقوم بها من اجل التقدم والتطور والازدهار. والأرقام وحدها هي القادرة على تحليل النتائج المنجزة، فالتصريحات التي أدليت بها منذ ان توليت الوزارة حيث أشرت فيها إلى أن الوضعية البيئية ستشهد تحسنا في السداسي الثاني من عام 2017 هي دليل قاطع على اعمالنا الفعلية. لكن هذا لا يعني اننا تمكنا من حل جميع المشاكل، هذا غير صحيح مازالت المشاكل  البيئية قائمة لكن سنتوصل إلى حلول لمعالجتها خطوة بخطوة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *