سعيدة الزمزمي:
غمرت كميات الامطار الطوفانية في الأيام القليلة الفارطة العديد من المعتمديات التابعة لولاية نابل متسببة بذلك في تضرر أكثر من 2500 مسكن بنسب متفاوتة و35 مؤسسة تربوية موزعة على مختلف المعتمديات وتسجيل اضرار مادية وبشرية مما جعل الأهالي والفلاحين خصوصا يطلقون صيحة فزع. وفي تصريح اعلامي كشف كاتب الدولة المكلف بالموارد المائية والصيد البحري، السيد عبد الله الرابحي، ان معدل كميات الامطار في منطقة بني خلاد قد بلغت 297 مليمتر متجاوزة الرقم القياسي المسجل عام 1969 بولاية سيدي بوزيد الذي كان في حدود 200 مم. وأضاف ان السدود والاودية الموجودة بالولاية والتي يقارب عددها6 سدود وهم “سد الحمى” و”سد بزيغ” و”سد شيبة” و “سد المصري” و”سد لبنى” و”سد لعبيد” و35 سد جبلي وبحيرة جبلية قد لعبت دورا هاما في استيعاب كميات الامطار الكبيرة. حيث بلغ مخزون المياه فيها 46.5 مليون متر مكعب بعد ان كانت نسبة تعبئتها 17 مليون متر مكعب.
الخسائر الفلاحية بعد الفيضانات
بقطع النظر عن الاضرار البشرية والخسائر الاقتصادية التي شهدها الأهالي الى جانب تهلهل البنية التحتية للولاية، كان القطاع الفلاحي من أكثر القطاعات تضررا من الفيضانات التي لحقت ولاية نابل، فقد تكبد الفلاحون الكبار والصغار خسائر مجحفة تراوحت ما بين 20 و100 بالمائة.في حين تضرر 1000 هكتار من الأشجار المثمرة والقوارص و250 هكتار من البطاطا والخضروات الأخرى، إضافة إلى نفوق 200 ألف طير دجاج و400 أرنب و500 رأس غنم و15 رأس من الأبقار وإتلاف 600 بيت نحل وفقا لبلاغ صادر عن وزارة الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية. بالإضافة الى ذلك، ووفقا للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، بينت الإحصائيات الأولية اتلاف 900 هكتارا من الخضراوات، و700 و800 هكتارا من الأشجار المثمرة، ونفوق أكثر من 200 رأس غنم وأبقار، الى جانب اتلاف معدات فلاحية. وفي هذا الغرض، دعا رئيس الاتحاد عبد المجيد الزار، الحكومة الى ضرورة تّخاذ التدابير اللازمة وتفعيل صندوق الجوائح الطبيعية لجبر الأضرار التي لحقت الفلاحين والبحارة في ولاية نابل.
فيضانات نابل: هل سيُفهم درس التأقلم مع التغيرات المناخية؟
تونس كسائر دول العالم تواجه أزمة التغيرات المناخية وهي اليوم بصدد البحث عن آليات وطرق للتأقلم معها، خصوصا للقطاع الفلاحي الذي يعد من أكثر القطاعات تضررا. فبالرجوع الى الوراء، شهدت بلادنا خلال 15 سنة فيضانات مسترسلة أدت الى خسائر مجحفة على جميع المستويات. ففي سنة 2003 اجتاحت الفيضانات تونس الكبرى وخاصة منها منوبة، كما اجتاحت مدينة بوسالم من ولاية جندوبة. وفي عام 2007 اجتاحت بنزرت. كما حصل نفس الامر عام 2009 حيث اجتاحت جنوب البلاد وخاصة الرديف على مدى يومين ووصلت الى حدود صفاقس وقابس. وفي عام 2011اجتاحت مجاز الباب من ولاية باجة. وفي عام 2015، اجتاحت عدة احياء بولاية جندوبة. وفي عام 2016 اجتاحت مدينة سوسة.
لا يختلف اثنان في ان التونسيين وبالأخص الفلاحيين يخشون التغيرات المناخية خوفا على مصالحهم. فبعد ما حدث من خسائر في ولاية نابل، تبادرت الى اذهانهم شكوك وتساؤلات حول أي مستقبل لاستثماراتهم الفلاحية؟ والملاحظ ان طريقة معالجة أزمة الفيضانات لكل السنوات السابقة كانت ضعيفة جدا وتخلو من كل المناهج الاتصالية الاستباقية. وهذا الامر في حد ذاته، يُحسب للدولة التي تفتقر الى منهجية واضحة في معالجتها للازمات الظرفية لأنها مزدوجة تتراوح بين سوء التصرف في الموارد الطبيعية وبين افتقاد سياسات استراتيجية تواجه التغيرات المناخية.
لقد أصبح ملف التغيرات المناخية وتكيف الفلاحة معه بالمسألة الشائكة التي تنتظر الدرس والرؤى الاستباقية. فهل ستعمل الوزارة على إيجاد التدابير اللازمة للتخفيف من حدة التأثير المباشر لهذه الظاهرة؟
.