ترتبط اقتصاديات الدول ارتباطا وثيقا بالموارد المائية التي تزخر بها كل دولة. لهذا الامر تسعى كل السلطات والقوى الكبرى الى المحافظة على هذه الموارد الطبيعية وتثمينها. فالماء مصدر الحياة ومحرار كل القطاعات الاقتصادية المكونة لمقومات التنمية المستدامة. فبمجرد ظهور مؤشرات في نقصه، تعتبر بالنسبة لهم بالأزمة او الكارثة الكبرى.
من التحديات الكبرى التي تواجهها الدول على حد السواء الغنية او النامية حيث أصبحت كلها مهددة بنقص في الموارد المائية الامر الذي من شانه ان يربك الاقتصاديات العالمية ويدخل اختلالات في التوازنات الاجتماعية والاقتصادية.
طفت في السنوات الاخيرة موجات من الخوف نتيجة تراجع منسوب المياه، وضعف الكميات في السدود والموائد المائية. وتعود أسباب هذا التراجع حسب دراسات وتقارير رسمية الى الافعال البشرية اولا الناتجة عن الاستهلاك المفرط والى العوامل الطبيعية كاختلاف مستوى الامطار في ظل تغير المناخ.
فرنسا، اسبانيا وحتى ألمانيا من الدول التي توجهت بسرعة البرق الى الاعلان عن قرارات وقوانين صارمة في ترشيد استهلاك الماء ضدّ والاستعمالات المفرطة وتخص بالأساس الصناعيين والفلاحين في مرحلة اولى وبقية الهياكل والمؤسسات. وتقضي هذه القرارات الى التخفيض والحصر في استعمال الماء الى حدود 10 الى 25بالمائة وذلك حسب المناطق.
كما اقرت هاته الدّول عقوبات لمن لا يحترم القانون. مع وضع سياسات في ترشيد واستهلاك الماء وخاصة الفلاحي منه. كما تم تخصيص شرطة المياه التي تشرف على تسييرها اعوان وموظفين للقيام بالمراقبة والانذار وتطبيق القانون. هذا وتتراوح المخالفة في حال عدم احترام القانون في هاته الدّول ما بين 1500 € الى حدود 3000 € في حال عدم احترام القانون. علما ان تطبيق القانون جاء في ظل وضعية مناخية مناسبة و ملائمة في نزول كميات الامطار.
اما بالنسبة لبلادنا، ومع ما اتخذته الدول الاخرى التي نجحت في مقاربة الاتصال، والوعي والتثقيف، وتغيير السلوكيات واقرار قوانين صارمة وتطبيقها مع تشريك الاعلام في ترشيد الاستهلاك، فلقد أصبح ضروريّا بالنّسبة لنا، بناء ثقافة مجتمعية جديدة تحكم التصرف في الماء من حلول ومبادرات جد ناجحة لإيقاف ازمة ندرة المياه، وايجاد تصورات ورؤى جدية.
في هذا الخصوص، يُجدر على الفلاح ان يعي بان كل هذه التدابير هي تدابير اصلاحية و بناءة تعود بالمنفعة للفلاحين وللمصلحة الوطنية. لان الحد من استعمال الماء والتقليص من استهلاكه هي حلول ايجابية لمعالجة ندرة المياه، على المستوى القريب والبعيد، لا العكس حسب اعتقاده. لهذا الامر، بات من الضروري عليه وعلى بقية الهياكل الاخرى من صناعيين ومستثمرين وكل المواطنين جميعا التحلي بالمواطنة والوعي اللازم لتطبيق القوانين المتخذة في سبيل المحافظة على مخزوننا المتوسط من المياه لكي لا ندخل في أزمة خانقة سبيلها التبعية واستيراد الماء. علما ان مواردنا المائية محدودة جدا، وفي تراجع من سنة الى اخرى بسبب نقص الامطار وتغير المناخ.