عمان: فرح عطيات/ صدر بجريدة الغد
دعا خبراء في التغير المناخي إلى عدم التسرع في الربط بين ما تشهده المملكة من ارتفاع في درجات الحرارة وتأثيرات التغير المناخي، إلا بعد تتبع تكرارها على مدى أعوام مقبلة، ودراستها بصورة علمية موثقة.
وأكدوا، في تصريحات لـ”الغد”، أن “نجاح الأردن في التكيف مع تأثيرات التغير المناخي، ومواجهتها مرهون بقدرته وجديته بتنفيذ الخطط والبرامج التي وضعها لتلك الغاية، وبالتشارك مع القطاعات المعنية، حتى لا تبقى حبرا على ورق”.
وكان موقع “طقس العرب” أفاد أن العاصمة سجلت رسميا، وبحسب تقرير دائرة الأرصاد الجوية، أمس بلغت درجة الحرارة 43 مئوية وهي ثالث أعلى درجة حرارة منذ عشرات الأعوام.
على أن درجات الحرارة المسجلة هذا الأسبوع لم تتجاوز ما سجل قياسيا من قبل حيث سبق ان سجلت درجة الحرارة العظمى في عمان 43.6 في تموز (يوليو) من العامين 1979 و2000، في حين سجلت درجة الحرارة 43.3 يوم 20 تشرين الأول (اكتوبر) 2010.
ومن وجهة نظر الخبير في تغير المناخ والاستدامة البيئية بشار زيتون فإنه “يصعب الجزم بأن موجة الحر التي تشهدها المملكة سببها التغير المناخي”.
وقال “لا بد من جمع البيانات والعمل على تحليلها، لمعرفة الرابط بين ما يحدث وبين الظاهرة، إذ يصعب لحظيا إصدار حكم بأن ارتفاع الحرارة الحالي هو نتاج لها، لكنها قد تمنحنا تصورا بما سيؤول اليه المناخ إذا ما استمر الارتفاع في درجات حرارة الأرض في العقود المقبلة”.
ومن أجل مواجهة آثار التغير المناخي، أضاف زيتون أن “وزارة البيئة وضعت الخطة الوطنية للتكيف، وتجري الاتصالات مع مختلف أصحاب المصلحة في القطاعات كافة حاليا تمهيدا لتطبيقها إلى جانب الخطط الاخرى، وإدراجها في موازنة الدولة”، لكن التحدي “يكمن في تنفيذ الخطط مع اتباع آليات التحقيق والمراقبة والقياس، والحصول على الدعم الحكومي، والتمويل”.
ويذهب المستشار في التنمية المستدامة والابتكار الدكتور عودة الجيوسي في تفسير ما تشهده المملكة من ارتفاع في درجات الحرارة الى أن “قضايا التغير المناخي ذات ارتباط وثيق عدة مدخلات ومتغيرات من الصعب قياسها خلال ثلاثة أو ستة أشهر فقط، بل نحتاج لأكثر من ذلك بكثير”.
وبرأيه فإن علم المناخ مرتبط بنظريات الاحتمالات إذ يصعب من قراءة واحدة وفترة واحدة تحديد النمط، بل يحتاج لفترة طويلة لفهمه، وبالتالي التعميم والربط يبدو فيه الكثير من المخاطرة وعدم الدقة”.
وتابع ان “التقارير الدولية تعتمد في العادة على دراسة مساحات كبيرة من العالم، وليس حسب كل دولة على حدة، ولذلك فالحصول على التنبؤات على المساحة الأصغر مثل الأردن يستدعي توخي الدقة والحذر، مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية الفترة الزمنية للبت بشكل يقيني أن ارتفاع درجات الحرارة ناجم عن تأثيرات التغير المناخي”.
ونوه إلى أن “الأردن يأخذ بعين الاعتبار التسلسل الزمني، والنمط، عند إعداد تقارير البلاغات الوطنية، لتظهر الصورة جلية بشأن التأثيرات، وعكسها على خطط الحكومة في التكيف”.
وتوقعت الخبيرة في الشأن البيئي والمناخي صفاء الجيوسي أن تزيد عدد أيام العام الحارة التي ترتفع فيها درجات الحرارة بصورة غير معتادة مع الشعور بعدم الارتياح في العواصم من 4 إلى 62 يوماً في عمان، ومن 8 إلى 90 يوماً في بغداد، ومن يوم واحد إلى 71 يوماً في دمشق.
الا أنها شددت على أن “درجات الحرارة المرتفعة لا يعني أنها متصلة بتأثيرات التغيرات المناخية، لكن عندما يكون الطقس المتطرف متكررا خلال الأعوام المقبلة، ونشهد في الأردن موجات حرارية عالية، بهذه الحالة من الممكن ربطها بهذه الظاهرة”.
ولفتت إلى أن “هناك العديد من الدول تبنت خططا للتعافي من جائحة كورونا وبطرق مستدامة وصديقة بالبيئة، لا بد أن تتبناها المنطقة العربية عبر النظر في معضلة التغير المناخي والبيئة بصورة شمولية”. فـ “آثار التغير المناخي لم يعد أمرا مفاجئا كما حدث في جائحة كورونا، بحسب الجيوسي، إلا أن الأمر ذاته يحدث حاليا في التعاطي مع آثار الاحتباس الحراري التي أصبحت معلومة للجميع”.
وأشارت الجيوسي إلى أنه “وبحسب النشاط الإنساني فإن على العالم الاستعداد لدرجات حرارة أكثر بمقدار 4 درجات بعد عقود قليلة، وهذا يعني أن متوسط عدد الأيام الحارة سيتجاوز 115 يوما في العام بالعواصم المذكورة وهذا يعني فصل صيف أطول وحارا للغاية”.