وزير الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية، سمير الطيب: مستقبل أجيالنا في الفلاحة المستدامة

يبدو أنّ القطاع الفلاحي بدأ يخطو خطوات إيجابية، حيث أصبحنا نتحدّث اليوم عن مفاهيم ومصطلحات جديدة للفلاحة كاقتصاد الفلاح، والفلاحة التحويلية، والفلاحة المستدامة وغيرها من المفاهيم الأخرى، التي تعطي المكانة البارزة التي يستحقها القطاع الفلاحي في المنوال الاقتصادي التنموي.

في هذا الخصوص، ولمعرفة تفاصيل عن توجهات الوزارة وبرامجها المستقبلية، أجرت “البيئة نيوز” حوارا حصريا مع وزير الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية، سمير الطيب. إليكم الحوار:

1- أي دور للقطاع الفلاحي في التنمية الإقتصادية ؟

ما من شك أنّ القطاع الفلاحي يلعب دورا هامّا في الدورة الإقتصادية. حيث يساهم في تحريك العجلة الإقتصادية بنسبة عالية في الناتج الداخلي الخام، إلى جانب تحقيق الأمن الغذائي، وادخال العملة الصعبة للبلاد من خلال عمليات التصدير. لهذا الغرض، نحن حريصون على دعم هذا القطاع وتشجيع الشباب، أصحاب الشهائد العليا على الاستثمار فيه، لما يعود عليهم بالفائدة والقيمة المضافة على الإقتصاد الوطني. وفي هذا الخصوص، تم برمجة سلسلة من الدورات، والحلقات التكوينية لفائدتهم بالجهات الداخلية.

2- كيف تفسرون إبتعاد الفلاح اليوم على ممارسة نشاطه ؟

في الحقيقة، مازالت الفلاحة في بلادنا مهمشة، وغير مواكبة للتغيرات الإقتصادية التي يشهدها العالم. لهذا الأمر، لا توجد منظومة خاصة بإقتصاد الفلاح،  فكما تلاحظون، ما ينقصنا هو غياب حلقة الانتاج في ظلّ  توفر الموارد الفلاحية، مثل منتوجات الحليب ومشتقاته.

وهذا الأمر مؤسف للغاية، ويحدّ من نسبة الإقبال على ممارسة هذا النشاط، رغم حيويته وديناميكيته. في المقابل، شهدنا اقبال كبير من المرأة الريفية على القطاع الفلاحي في السنوات الأخيرة.

3- ماذا عن قطاع الفلاحة البيولوجية المستدامة. أي دور لها في التصدير ؟

في ظل التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، تعتبر الفلاحة البيولوجية آلية  ناجعة لضمان التنمية المستدامة، ومكسبا للتصدير. حيث تحتل مكانة هامة في التنمية الاقتصادية. و تساهم في تحسين الميزان التجاري وخلق مواطن شغل.

من جهة أخرى، تجاوزت الفلاحة البيولوجية مرحلة التأسيس والتنظيم والإنتاج، لتصبح عاملا أساسيا للاستثمار ورافد من روافد التنمية. إذ إنفتحت على مجالات أخرى ولم تعد تنحصر على زيت الزيتون والتمور. حيث شملت المنظومات النباتية والحيوانية والغابية والأحياء المائية.

لهذا الغرض، قمنا بضبط رؤية مستقبلية لهذا القطاع لتثمينه ودفعه. وللتذكير،  فقد سجّل عدد المتدخلين 3300 متدخل بيولوجي، في مختلف المجالات الفلاحية والإقتصادية. في حين  بلغت نسبة مساحات الفلاحة البيولوجية الى غاية اليوم، 232 ألف هك. كما فاقت نسبة الإنتاج 450 ألفا.

4- الفلاحة البيولوجية هي أساس الفلاحة المستدامة. لتحقيق هذه المعادلة، ماهي البرامج المستقبلية ؟

نحن نطمح الى تنشيط العجلة الاقتصادية وتنويعها من خلال الفلاحة البيولوجية لهذا الغرض، وضعنا آليات لحوكمة هذا القطاع  الواعد بالشراكة بين القطاع العام والخاص. حيث من المنتظر أن نحدث سلسلة من المشاريع الهامة أبرزها:

– إحداث أنموذج تونسي للفلاحة البيولوجية مدعوم بحوكمة أفضل للقطاع، بالمطابقة مع  مبادئ المحافظة على الصحة وحماية البيئة وضمان العدالة، في تقسيم المرابيح خلال مختلف حلقات المنظومة، وتحسين المردودية الإقتصادية للمشاريع البيولوجية.

إضافة الى ذلك، احداث 5 مناطق نموذجية للفلاحة البيولوجيةو 24 مسلك سياحي بيولوجي ومناطق عازلة بيولوجية لحماية المنشآت المائية وتنمية 20 منظومة بيولوجية.

5- ماذا عن  الموارد المائية ؟

لقد تحسنت وضعية السدود، لكن بقيت مشكلة سد سيدي سالم. ونحن نعمل بكل مجهوداتنا لايجاد الحلول العاجلة.

 من جانب آخر، طرحنا سلسلة من المشاريع في هذا السياق. ونذكر أهمها مشروع تعزيز الموارد المائية للسنوات القادمة 2017 -2019. بكلفة 200 م.د. ويشمل هذا الأخير، 40 محطة تحلية بقدرة إنتاج 70 ألف م3 في اليوم على أن ينطلق القسط الأول قبل صائفة 2017. اضف الى ذلك، حفر وتجهيز وكهربة 34 بئر عميقة. وإقتناء ووضع قنوات لربط محطات التحلية والآبار العميقة بشبكات التوزيع. ومشاريع أخرى

6- ماهي التصورات الجديدة التي تطمحون الى تنفيذها ؟

في اعتقادي، يجب أن نمرّ الى الفلاحة التحويلية التي تراوح بين الاستهلاك الداخلي والتصدير. وفي هذا الشأن، يفترض من جهة أولى، تزويد السوق الداخلية بجميع المنتوجات الفلاحية اللازمة للاستهلاك، ومن جهة ثانية،  تخصيص كميات أخرى من المنتوجات الفلاحية للتصدير. وفي هذا الإطار، علينا ان لا نقع في خطأ والتفاني في العمل بصفة منتظمة مع الأسواق الخارجية لكي لا نخسر عمليات التبادل والشراكات معهم.

نحن ننظر الى الفلاحة كقطاع مستدام لكي نضمن المستقبل للأجيال القادمة. فمواردنا الطبيعية قليلة جدا ومتقلصة. لهذا السبب وفرة الإنتاج لا يمكنها أن تكون مشكلة  بالنسبة لنا وانما العكس. حيث يفترض علينا تثمين هذه الموارد وحسن توظيفها.  وعلينا التوجه أكثر إلى الأسواق  الجديدة بالمحافظة على الاسواق التقليدية طبعا. لقد إلتمست في الزيارات التي قمت بها إلى العديد من البلدان مدى الإقبال على  منتوجنا التونسي المحلي. لاعتبارات الجودة والمعايير التي يحترمها.

7- ألا تعتقدون أن هذه الخطة فيها صعوبات ؟

-لنا رؤية كاملة وتصور واضح ودقيق على الميدان، لكن السؤال المطروح هل ستواكب الوزارة هذا التحول النوعي؟ خصوصا أن هيكلة الادارة والمنظومة في حدّ ذاتها متآكلة وغير عصرية. حيث تنقص الادارة منشئات وخلايا الإدارة العامة.

-فعلى سبيل المثال، لا يوجد بالوزارة ادارة خاصة بالتصدير. هذا ما سنعمل على إحداثه في المستقبل. علما اننا  قمنا بتصدير كميات كبيرة من القوارص الى روسيا وهذا مؤشر ايجابي.

لنا كفاءات وطاقات بشرية هائلة داخل الوزارة. وهذا أمر إيجابي . لكن يجب تثمينه أيضا. فكما تعلمون، الموارد البشرية هي اساس التنمية والإقتصاد. لهذا الامر، لنا استراتيجية في الحكومة الرشيدة وفي تكوين الإطارات والموارد البشرية. ونذكر في هذا الخصوص، الإتفاقية التي تم إبرامها مع لجنة مكافحة الفساد مؤخرا لتفادي جميع الثغرات.

كلمة الختام ؟

الخروج من الفلاحة التقليدية الى الفلاحة التحويلية، العصرية المستدامة هي الحل الأنسب لدفع إقتصادنا الوطني وتحقيق التنمية الإقتصادية على المدى الطويل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *