البيئة نيوز، سعيدة الزمزمي
” التزاما منه بمبادئ احترام البيئة والتنمية المستدامة ، يعمل الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع تونس على تطبيق هذه المقاربة للتصدي للتغيرات المناخية طبقا لسياساته الداخلية والخارجية . حيث يدعم تونس في العديد من المشاريع التي تهدف بالأساس الى تحقيق التنمية المستدامة والانتقال الأخضر . اضافة الى ذلك يحرص على تدريب وتعزيز قدرات الشباب باعتبارهم جزءا استثنائيا من برامج الاتحاد الأوروبي كفاعلين في الثقافة المناخية والتربية البيئية. في هذا الاطار ، التقت “البيئة نيوز” ، بسعادة سفير الاتحاد الأوروبي بتونس ، السيد “جوزيبي بيروني ” وأجرت معه الحوار التالي . اليكم التفاصيل
1–ما هي المقاربة الاستراتيجية التي يتبناها الاتحاد الأوروبي لدعم تونس في مشاريع البيئة ومجابهة للتغيرات المناخية؟
– يرتكز التزام الاتحاد الأوروبي تجاه تونس وتعاونهما في هذا المجال على مبادئ الاستدامة والاحترام البيئي، ويأتي متناغما مع سياستنا الداخلية والخارجية لمواجهة التغيرات المناخية. كل مبادراتنا تندرج ضمن هذه المقاربة الطموحة التي نطلق عليها “النطاق الأخضر”.
نحن نطبق هذه المبادئ بفاعلية في سياستنا الخارجية، لا سيما في المنطقة المتوسطية، وبتعاون وثيق مع دول الجوار وعلى رأسها تونس. وقد تم مؤخراً المصادقة على ميثاق متوسطي يعزز هذا الالتزام بشكل كبير تجسد ذلك عمليا في شراكة تونسية-أوروبية لتنفيذ مشاريع متعددة.
على سبيل المثال، أطلقنا الأسبوع الماضي مشروع
“Green for Work Industry”،
الذي يهدف إلى تحديث الصناعات التونسية وتحويلها من صناعات ملوثة إلى صناعات مستدامة، بما يضمن جودة حياة أفضل للمواطنين.
نحن مستعدون لتقديم التقنيات والمهارات المتقدمة لدعم تونس في تحقيق أهداف التنمية المستدامة والانتقال الأخضر، وهذا هو جوهر التزامنا وما نتعهد به مستقبلا.
2- هناك عدد كبير من المشاريع التي تمولونها حاليا في تونس في المجالين البيئي والمناخي. هل يمكنكم تقديم لمحة عن حجم هذه التمويلات وآليات تمويل المشاريع؟
– بالفعل لدينا العديد من المشاريع بصدد التنفيذ في هذا المجال، تناهز قيمتها الإجمالية 200 مليون يورو. هذه المشاريع تهدف إلى تحديث الصناعات، والحد من التلوث، وتعزيز مرونة المناطق التونسية في مواجهة التغير المناخي.
تدخل الاتحاد الأوروبي متنوع ويشمل عدة آليات تمويل. منها التمويل المباشر والتمويل عبر الشراكات مع البنوك الأوروبية مثل البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، وهذا ما نسميه الفريق الأوروبي (Team Europe) ، لضمان أعلى مستويات النجاعة. وهناك التمويل المدمج (Blended Finance): وهو آلية تسمح بمضاعفة الموارد وتعبئة التمويلات الضخمة للمشاريع الكبرى التي تتجاوز إمكانيات التمويل التقليدي.
كذلك، يشمل دعمنا المؤسسات، والمجتمعات المحلية، والقطاع الخاص، في جهد مشترك لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. ولإعطاء أمثلة ملموسة، نذكر مشروعين مهمين في الإطار المناخي مشروع ECOPACT في بنزرت لإزالة التلوث من بحيرة بنزرت عبر منظومة اقتصادية وبيئية متكاملة، حيث يمول الاتحاد بناء الجسر كجزء من تعزيز هذه المنظومة ومشروع قفصة: بالتعاون مع المجمع الوطني للفسفاط، ويهدف إلى إزالة التلوث الناتج عن عمليات استخراج الفسفاط، من خلال الدعم التقني والتدريب لضمان
أنشطة مستدامة
-3- في مجال الزراعة المستدامة ماهي أبرز المشاريع التي
يمولها الاتحاد الأوروبي ؟
-مشاريعنا في هذا القطاع جميعها تندرج ضمن مفهوم الزراعة المستدامة، الذي هو محور اهتمام عالمي اليوم. ويركز عملنا على تحسين جودة المنتجات التونسية بشكل خاص لتعزيز قدرتها التنافسية في التصدير، مما يكسب ثقة المستهلكين ويحقق قيمة مضافة للاقتصاد التونسي بشكل عام.
ونحن لدينا عدة برامج ومشاريع بالتعاون مع الوكالات التونسية مثل برنامج “Adapt” ومشروع “Adapt Cereal” بالشراكة مع وكالة التعاون الإيطالية، للتركيز على التكيف المناخي في القطاع الزراعي و مشروع “MedFish” مع الوكالة التونسية للتنمية في مجال الصيد البحري المستدام.
نحن أيضا ندعم تنمية المجال الريفي، معتمدين في جزء كبير على آليات الدعم المباشر للميزانية . بالتالي لدينا التزام متكامل لمرافقة تونس في تحقيق الإصلاحات اللازمة لإنجاح الانتقال الأخضر في هذا المجال الحيوي كهدف تعاوني مشترك.
4– يقوم الاتحاد الأوروبي بدعم وتعزيز قدرات الشباب في مجالات التكنولوجيا والرقمنة لخدمة البيئة والمناخ. ما هي الأهداف والأبعاد الرئيسية لهذه المبادرات، وكيف ترون دور الشباب التونسي فيها؟
-بالتأكيد يلعب الشباب التونسي دوراً هاما وأساسيا في مقاربتنا لإحداث التغيير. نعتبرهم الفاعلين الحقيقيين في العمل البيئي والمناخي، والقادرين على قيادة أهداف التنمية المستدامة.
نحن نعمل بشكل جيد وباستمرار مع الشباب من خلال برامجنا التي
تهدف إلى تعزيز وتنمية قدراتهم في المجال المناخي والابتكار. هم يمثلون جزءاً استثنائياً من برامجنا. على سبيل المثال، لدينا حالياً برنامج “PAGECT” الذي يهدف إلى تدريب الشباب وبناء مهاراتهم في التفاوض ضمن المؤتمرات الدولية لمكافحة التغير المناخي، مما يمكنهم من المشاركة بفاعلية في النقاشات الدبلوماسية والتقنية.
كما نعمل مع الشباب من خلال توفير برامج أخرى ضمن مقاربة متكاملة تشمل التدريب وتنمية القدرات، بهدف إدماج الشباب في برامج الابتكار وتحقيق التنمية المستدامة. نحن نقوم بذلك منذ سنوات وحققنا نتائج إيجابية، ونتطلع إلى استمرار هذا العمل، لأن الشباب هم محور التغيير الأساسي لترسيخ الثقافة البيئية والمناخية في المجتمع التونسي.
كلمة الختام: “بيئة نظيفة، صحة سليمة تساوي جودة الحياة” ، ماهي رسالتكم في هذا الخصوص ؟
– أود بالقول في الختام أن أقول ان لدى تونس اليوم فرصة ثمينة لتحديث صناعتها وتحقيق الانتقال الأخضر الشامل. والاتحاد الأوروبي مستعد دائما لمرافقة تونس في هذا الاتجاه، فنحن نمتلك المهارات، والتكوين، والتكنولوجيات المتقدمة. هذا التعاون هو مصلحة مشتركة للشعبين التونسي والأوروبي لضمان مستقبل مستدام وصحة أفضل للجميع.



